Biography
 “My work is a reaction to war, not a chronicle. I am repeating the shock over and over again, to rid myself of the nightmare.” — Serwan Baran

ولد سيروان باران، الفنّان الكرديّ العراقيّ، عام 1968 في بغداد. درس في جامعة بابل، وتحديدًا في كلّيّة الفنون الجميلة، وتخرّج منها عام 1992. بعد تخرّجه، قام بتدريس الفنون في جامعة بغداد، في الكلّيّة الّتي درس فيها أي كلّيّة الفنون الجميلة، لمدّة سبع سنوات. شارك باران في الأكاديميّة الصّيفيّة في دار الفنون في عمّان، الأردن، في عام 2000، حيث استفاد من توجيهات الفنّان السّوري الحداثيّ مروان قصّاب باشي. لاحقًا، أصبح عضوًا في الرّابطة الدّوليّة للفنون، وانتمى إلى جمعيّة الفنّانين التّشكيليّين العراقيّين، وإلى الشّبكة الدّوليّة للفنّانين العراقيّين المعاصرين.

 

خلال دراسته الجامعيّة، استلهم باران من البيئة المحيطة بجامعة بابل: فالمؤسّسة تقع وسط آثار المدينة القديمة، ممّا جعله يغوص في إرث إحدى أغنى الحضارات في العالم القديم، مستلهمًا أساطير البابليّين وثقافتهم البصريّة.

 

إنّ اهتمام باران بتاريخ العصور الغابرة قاده إلى نمرود، المدينة الآشوريّة القديمة الواقعة جنوب الموصل، في سعيه للعثور على بقايا برج بابل الأسطوريّ. ورغم أنّه لم يكتشف أيّ دليل يشير إلى وجود هذا البرج العظيم، إلّا أنّ الفنّان كان متحمّسًا عندما اكتشف هيكلًا طينيًا مثيرًا للإعجاب بارتفاع 400 متر. أصبح هذا المكان موقعًا شبه مقدس للفنّان، الّذي زاره ورسمه مرارًا وتكرارًا.

 

بعد الجامعة، التحق الفنّان بدروس في جامعة بغداد تحت إشراف فائق حسن، الّذي كان في ذلك الوقت شخصيّة بارزة ومؤثّرة في المنطقة. ورغم أنّ تدريبه لم يقيّده بتقنيّات المناهج الّتي هيمنت على منهج حسن، إلّا أنّ باران تعلّم الكثير من هذا الفنّان البارز. تحت إشرافه، اكتشف القوّة الجماليّة للأشكال المبسّطة وللخطوط الحرّة واستكشف بشكل أعمق لغة التّعبير بالألوان. إنّ تَعَرُّض باران للتّربة الغنيّة بالطّين والآثار القديمة للعراق يتجلّى في لوحته اللّونيّة المفضّلة، الّتي تعتمد أساسًا على درجات البنّيّ والأحمر والأصفر التّرابية.

 

خلال التّسعينيّات من القرن الماضي، أنتج باران أعمالًا تصوّر الثّقافة الشّعبيّة المتنوّعة للعراق، مستخدمًا بدرجات متفاوتة عناصر من الواقعيّة والتّعبيريّة في لوحاته. مازجًا بين المشاهد الفولكلوريّة والأحداث الاجتماعيّة اليوميّة، فرسم البدو بملابسهم الزّاهية، والاحتفالات الريفيّة، والرّجال المسنّين في الأسواق القديمة، والرّعاة مع المناظر الطبيعيّة. خلق صورًا تجمع بين المرارة والبركة في البانوراما الاجتماعية العراقيّة، مستكشفًا الحالة الإنسانيّة عبر جميع طبقات المجتمع. خلال مسيرته المهنيّة، تناول باران أيضًا موضوعات سياسيّة، معبّرًا عن آرائه السّاخرة من خلال أيقونات صارخة. تظهر الأرقام في لوحاته كرموز على انعدام الإنسانيّة، مشيرة إلى تحجيم المواطنين واعتبارهم مجرّد إحصائيّات من قبل الحكومات اللّامبالية، كما تعكس صوره المشوّهة للجنرالات العسكريّين الفساد الأخلاقيّ والنّفاق خلال الحرب.

 

بحلول عام 2000، كان باران قد أشبع شغفه بالاستكشاف الاجتماعيّ والثّقافيّ، فركّز أكثر على تصوير الخيول خلال تحرّكها، مبرزًا حركة فرشاته الإيمائيّة وسلاسة خطوطه. بدأ أسلوبه يبتعد عن التّكوينات الكثيفة شبه الواقعيّة، متبنّيًا عناصر أكثر حيويّة وتعبيريّة تميل نحو التّجريد التّصويري. فرغم أنّه كان يرسم بشكل رئيسيّ باستخدام الزّيت حتّى تلك المرحلة، إلّا أنّ الفنّان بدأ بتجربة استخدام الأكريليك، مفتونًا بمرونة هذه المادّة الحسّيّة.

 

منذ عام 2003، أصبح نهج باران قائمًا على الحوار، والتّضاد، وقبل كل شيء، التّجريب. اتّجه أكثر نحو التّجريد وتناول موضوعات أكثر حساسيّةً، مستكشفًا التّوتر، والقلق، والإثارة الجنسيّة في أعماله الأخيرة. عرضت معارضه الفرديّة الأخيرة تطوّرات في أسلوبه وكذلك في محتوى أعماله. في معرض "العيش على الحافة" عام 2013، الّذي استضافه معرض نبد في عمان، علّق الفنّان على الوضع المعاصر للمنطقة في سلسلة من البورتريهات المركّبة المشحونة بالعاطفة، والّتي تميّزت بالتّباين العالي بين الأشكال الملوّنة بشدّة والخلفيّات الكئيبة الأحاديّة اللّون. تعبّر هذه اللّوحات عن القلق الوجوديّ من خلال الفكاهة الجافة للفنّان، حيث تكتظّ بالشّخصيّات المشوّهة المبالغ فيها الّتي تندمج في بعضها البعض ثمّ تنقسم. يولّد هذا الإحساس بالارتباك شعورًا شخصيًّا واجتماعيًّا في آن واحدٍ، مستحضرًا موضوعات الحبّ والعزلة والإحباط من السّياسة المعاصرة. في معرض "الكلاب" الّذي استضافه معرض أجيال في بيروت عام 2018، قدّم الفنان أيضًا لوحات مليئة باندماج الأجساد؛ هذه المرّة، الأجساد كانت أجساد كلاب. مرسومة بألوان زاهية وترابيّة في آن واحد، بضربات فرشاة سائلة وخشنة، تستكشف اللّوحات قدرة الطّلاء الأكريلي على تحقيق مستويات مختلفة من الشّفافيّة في صور محمومة لكلاب متصارعة وبورتريهات هادئة واهية.

 

يقيم الفنان حاليًّا في بيروت.

 

Works
30 Seconds Out of Time, 2021