وُلد محمود عبيدي في بغداد عام 1966. كان والده جنرالًا في الجيش، ووالدته، الّتي كانت كاتبة، أحاطته في سنواته الأولى بالفنّ والثّقافة. وبفضل تشجيع والدته المستمرّ، ظهرت ميوله الإبداعيّة منذ سنّ الثّانية عشرة. بعد حصوله على شهادة البكالوريوس من جامعة الفنون الجميلة في بغداد وإقامة أول معرض فرديّ له في متحف الفنّ الحديث في المدينة عينها، غادر الفنّان العراق لمتابعة دراسة الماجستير في الفنون الجميلة في جامعة غويلف في كندا. كانت مغادرته للعراق طوعيّة، وكان ينوي البقاء في الخارج لمدّة عامين فقط، إلّا أنّه تعرّض لنفي قسريّ خلال بقيّة إقامته في أمريكا الشّماليّة بسبب الظّروف السّياسيّة في بلده. بعد حصوله على الماجستير، نال شهادتي دبلوم في السّينما والإعلام الحديث، إحداهما من جامعة رايرسون في تورنتو والأخرى من أكاديمية الفنون السّينمائيّة HIF في لوس أنجلوس.
في سنّ مبكرة، انغمس محمود عبيدي في عالم الشِّعر، وخصوصًا في أعمال بدر شاكر السّيّاب وعبد الوهّاب البياتي. ومع ذلك، ومع بداية الثّمانينيّات وتصاعد الصّراع مع إيران، اضطّر عبيدي للاكتفاء بقراءة الأدبيّات العسكريّة العائدة لوالده نتيجة العقوبات وقيود السّفر المفروضة على العراق. وبحلول الوقت الّذي أقام فيه أوّل معرض فرديّ له عام 1990، كان العراق يعاني من هذه الظّروف منذ فترة طويلة، وكان العمل المعروض في هذا المعرض بعيدًا عن تأثير معظم الفنّ المنتَج والمتداول خارج العراق. خلال هذه الفترة، انقسم الفنّانون العراقيّون إلى مجموعتين: الأولى تعمل داخل وطنها، والثّانية تعمل في الخارج، وكان التّواصل بينهما محدودًا بسبب المناخ السّياسيّ. بعد هذا المعرض الأوّل، التحق محمود عبيدي بالمجموعة الثّانية، واستمر في إنتاج جميع أعماله خارج العراق.
تتمحور أعمال محمود عبيدي حول موضوعات الحرب والنّزوح وفقدان الهويّة؛ فهي إعادة خلق للحظات ومفاهيم محدّدة من التّاريخ العراقيّ المعاصر، وتهدف إلى إبراز جوانب معيّنة من طبيعة هذا البلد. فعلى سبيل المثال، عرض عبيدي عام 2016 تمثالًا برونزيًا مهدّمًا لصدام حسين في عمل بلا عنوان، مُشيرًا إلى أنّ لحظة سقوط هذا التّمثال تمّ تغطيتها اعلاميًّا بصورة مكثّفة، ممّا جعلها تُشكِّل في حدِّ ذاتها نصبًا تذكاريًّا لانتصار "الدّيمقراطيّة" الأميركيّة في العراق. أمّا مجموعة سماء صافية (2010-2013) الّتي انبثقت من مشروع كيف لا تبدو إرهابيًّا بنظر سلطات المطارات الأميركيّة (2010)، فتتناول مسألة التّنميط العِرقي من خلال عدسةٍ تستعرض مجموعات من العلامات الثّقافيّة الّتي كثيرًا ما تمّ تحويلها إلى سِلَع. يقترح المعرض السّاخر استخدام مستحضرات التّجميل كوسيلة لتجنّب التّفتيش الأمنيّ في المطارات الأمريكيّة. فقد وُضعت آلات بيع تحمل اسم الشّركة الخياليّة للفنان، سماء صافية، تعرض منتجات تهدف إلى إخفاء السّمات الجسديّة المرتبطة بالهويّة العربيّة و/أو خلق سمات مرتبطة بالأصل الغربيّ الأوروبيّ، مثل عدسات لاصقة زرقاء ومبيض للشّعر. كما شمل المعرض إعادة تمثيل لمواجهة مع الأمن في المطارات، باستخدام عدّة شخصيّات صغيرة في تركيبّات فنّيّة مختلفة وفيديو مصوّر.
يحتفل عمل إنجاز المهمّة (2013) بالذّكرى العاشرة لخطاب جورج دبليو بوش الشّهير على متن السّفينة يو إس إس أبراهام لنكولن، حيث أعلن الرّئيس الأمريكيّ حينها نهاية العمليّات القتاليّة الكبرى في العراق. وقد صُمِّم النيون ليُشكّل عبارة MISS10N ACCOMPLISHED بتصميم وألوان مشابهة لعلم الولايات المتّحدة.
يعود عبيدي ويكرّر حادثة رمي زوجين من الأحذية على جورج دبليو بوش من قبل الصّحفيّ منتظر الزيدي، فابتكر صورة شخصيّة لبوش محاطًا بالأحذية في عمله قبلة الوداع (2012)، ثم أعاد إنتاج هذا العمل بمادّة البرونز ضمن معرضه شظايا بعنوان قبلة الوداع 4 (2016)، وحتّى أنّه حاك وجه بوش على قماش مستخدمًا أربطة الأحذية في عمله أربطة حذاء بوش (2016).
يعيش الفنّان وعائلته حاليًّا في تورنتو، إلّا أنّ العمل يدفع بعبيدي إلى زيارة الدّوحة وبيروت باستمرار.